روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | إنه ولد.. كريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة


  إنه ولد.. كريم
     عدد مرات المشاهدة: 2970        عدد مرات الإرسال: 0

منذ اللحظة الأولى التي خُلق فيها الإنسان، أمر الله الملائكة بالسجود له إيذانًا بكرامته عند الله تعالى.

وقد جاءت النصوص القرآنية لتؤكد على كرامة الإنسان فيقول الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].

ولكل قيمة من القيم المادية لا يجوز أن تطغى على قيمة الإنسان، ولا أن تستعلي عليه.

وكل هدف ينطوي على تصغير قيمة الإنسان مهما يحقق من مزايا مادية هو هدف مخالف لغاية الوجود الإنساني، فكرامة الإنسان أولًا، وسمو الأهداف وعظمة القيم، إنما يأتي نتيجة مباشرة لشعور الإنسان بكرامته.

التكريم الرباني للإنسان:

إن الله سبحانه وتعالى قد كرَّم الإنسان وقد خلق الله في هذا الإنسان الشعور والميل إلى الكرامة والعزة فهو القائل {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ}، وإن النفس الإنسانية تبحث عن المكان الذي يوفِّر لها الكرامة، ولذلك فاحترام إنسانية الابن هو واجب على المربين والآباء أن يراعوه وهم يعاملون أبنائهم.

فالابن أيها الوالد يتلهف إلى التقدير والاحترام، وهذا الشعور لديه هو المحرك والداعم الأساسي لكثير من الأعمال والنشاطات لديه، ولهذا فاعلم جيدًا أن طفلك حينما ينشأ على الاحترام والتقدير فهو إنسان يضع كل شيء في مكانه الصحيح، يعرف قيمته ومكانه وينافس بشرف مع الآخرين.

فينمو مستقبله بين يديه قويًا ثابتًا، كل ذلك من ينبوع التقدير والاحترام، فطاقة الحب في قلب الابن تتحول إلى تعاون مع مربيه لهزيمة كل الصعاب التي تواجهه، ومواجهة الأخطار، والقيام بالواجبات.

(أما بخس الابن حقه، فهو يؤدي غلى مخاطر نفسية كثيرة كالإصابة بالخوف الشديد والانطواء وحب الاعتداء والمشاجرة) [تربية الأطفال في رحاب الإسلام، خولة درويش، ص(159)، بتصرف].

إننا ربما نسمع كلمات يقولها بعض الآباء "إذا لم تصمت سوف سأقتلك"، بالطبع لا يقصد أن يفعل هذا، وإنما هو احتقار للأولاد وسوء احترام الأولاد.

فلابد للآباء عدم التحقير من شأن أبنائهم، فالولد حينما يسمع كلمة تهينه، كمثلًا "لن أكلمك إن فعلت كذا" أو التهديد بتركه وغير ذلك، فهذه الجمل والكلمات قد تحقق نجاحًا مؤقتًا لكنها تأتي بنتائج عكسية في المستقبل، ولكن خطورة هذا الأمر تأتي من أن التربية بالخوف لا تربي بشرًا مستقلين بل بشرًا توابع.

كما أن إذلال "الطفل يولِّد لديه مناعة ضد كل النصائح التي تُلقى عليه، وسلب كرامته يسوغ له عمل القبائح، وإذا كان الكبار لا يستغنون عن التقدير والتشجيع والثناء، فإن الأطفال أحوج إلى ذلك، فالطفل كائن غريب على مجتمعه الناضج.

ومن ثم فإنه يقوم بأعمال كثيرة ولا شعورية أحيانًا في سبيل انتزاع اعتراف مجتمعه به، وصلاحيته لعضويته فيه، وإن علينا أن نمنحه ذلك ونشعره به دون شطط) [من أجل انطلاقة حضارية شاملة، عبد الكريم بكار، (2/142)].

مظاهر التعامل غير الصحيح مع الأبناء:

1- طريقة الإرشاد:

من أهم الطرق التي تؤثر في تربية الأولاد طريقة الإرشاد التربوي، ماذا نقصد بذلك؟ نقصد الأسلوب الذي يتبعه الأب في توجيه ابنه، فإن المكافأة الكبرى التي يتطلع إليها الابن دائمًا هي أن يحس أنه محبوب من أبويه وأنهما يثقان به ويكرمانه.

وكلما استخدم المربي الأساليب والعبارات الملائمة، كان التأثير أجدى وأنفع، مثل قولك لابنك: آسف لإزعاجك، ولكن أريدك أن تساعدني في عمل أما أو من فضلك أود أن تعتني بمذاكركت جيدًا.

فعلى المربين البحث دائمًا عن الأساليب الأكثر أناقة والأكثر رقيًا في خطابنا لمن نقوم على تربيتهم، لأن الخطاب حين يكون راقيًا يبني ذوقًا وأدبًا وخلقًا راقيًا لدى من نربيهم، وفوق هذا وذاك فإن الأسلوب الراقي في الخطاب يجعل المتلقي أكثر استعدادًا لقبول ما نقوله له.

فنحن إذا رأينا من الابن خطأ واضح، فيجب أن نحاول أن نرشده إلى الصواب بأسلوب لبق ليس فيه جرح لمشاعره، ولنأخذ أمثلة:

أسلوب تربوي خاطئ:

يقول الأب: أحمد.. إن خطك في غاية السوء لا أستطيع التحمل لكي أراه.

أسلوب تربوي صحيح:

يقول الأب: أحمد خطك في الكتابة في تحسن مستمر، الحمد لله قلت أخطائك بدرجة كبيرة، إنها أخطاء قليلة ولكن بعضها يغير المعنى...أليس كذلك؟

فنحن إذا (لاحظنا على الطفل عمل بعض الأعمال غير المرغوبة وجب أن ننبهه إلى ذلك بطريقة لا تجرح كبرياءه، فإذا رأينا مثلًا أنه يكذب كان من المناسب أن نقول: إن فلانًا لا يكذب، وإذا كان وقع ذلك منه فإنه ليس متعمدًا.

فذاك خير من تقريعه وتوبيخه، وعند إرادة مناصحته في خطأ ما فإن ذلك ينبغي أن يتم في السر بعيدًا عن الناس حتى أفراد أسرته، وكل ذلك في سبيل السعي إلى محاصرة الانحراف دون إيقاع أضرار به) [من أجل انطلاقة حضارية شاملة، عبد الكريم بكار، ص(142)].

2. عدم الاهتمام بالأبناء:

يوجد حقيقة لابد للآباء أن يدركوها وهي أن القاعدة الأساسية التي توجه سلوك الأبناء، وترتب ردود أفعالهم هي قاعدة أساسها العاطفة، وعلى قدر قدرتنا نحن معاشر الآباء معرفة الاتجاه الذهني لأبنائنا، وتحسس مواقفهم الشعورية تجاه الأحداث والأشياء، على قدر ذلك تزيد إمكاناتنا في التفاهم معهم وتوجيههم بلباقة ولياقة ودقة.

إن كل طفل يحب أن يكون محبوبًا وإلا فإنه سوف يلجأ إلى إزعاج من حوله لتنبيههم لحاجته إلى الحب، بل إن الأطفال الذين يكون لديهم حس قيادي في أغلب الحالات من أسر متفاهمة يسودها الحب.

فتخيل معي أيها الوالد هذا المثال: أب لديه طفل وقد بلغ من العمر سنة واحدة، فيسأله بحب وعطف: ماذا يريد أن يلعب؟ هل يرغب في تسلق ظهره؟ إن هذا الأب لا يمل من محادثة طفله على الرغم من صغر سنه، ولكن انظر إلى ذلك التفاهم العميق الذي يُبنى مع الطفل منذ الصغر.

ولذا فإن عدم الاهتمام بالأبناء ليؤدي بنتائج سلبية على مشاعر الأبناء واتجهاتهم في الحياة، فتخيل معي أيها الوالد ذلك الأب:

الذي ينزل من الصباح الباكر إلى شغله، ثم يرجع إلى المنزل ليتناول الطعام ويرتاح قليلًا ثم ينزل مرة أخرى ليقضي مصالحه، ثم يرجع إلى البيت متأخرًا لينام وهكذا كل يوم، وأبناؤه يشتاقون إلى الجلوس مع والدهم، ليستشيروه في أمورهم ويحسوا بالأمان معه، وهو لا يبالي لهم بحجة أنه يؤمن مستقبل أولاده ويوفر لهم العيشة الهنية.

فهل يمكن أن يكبر هؤلاء الأبناء ويصبحوا أناسًا فاعلين في مجتمعهم، وهم في الأصل لم يجدوا اليد الحانية والاهتمام الرقيق التي تمسح من عليهم غبار الصعاب، وتحيي لديهم الثقة والأمل ومواصلة العمل من جديد.

فانظروا أيها الآباء إلى النبي صلى الله عليه وسلم كيف ضرب لنا أروع الأمثلة في الاهتمام بالأطفال، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويُقعد الحسن بن علي على الفخذ الآخر ثم يضمهما، ثم يقول: اللهم ارحمهما فإني أرحمهما) [رواه البخاري].

فهذا أسلوب عملي في كيفية إمداد الطفل بالحنان والرحمة صاغه لنا المربي الأعظم النبي صلى الله عليه وسلم، من الوضع على الفخذ، والضم والدعاء، وفيه المساواة بين الأطفال، ولو تفاوت أعمارهم، فإن أسامة بن زيد كان أكبر من الحسن بسنوات.

وقد تأثر الصحابة (أطفالًا وشبابًا بهذا الحب وتلك الرحمة من النبي صلى الله عليه وسلم، فأحبوه، وفدوه بأنفسهم، وقلدوه بأفعالهم، لما أعطاهم من الحب والرحمة كخطوة أولى، وأساس أول، لابد من بنائه لضمان التأثير اللاحق) [علم النفس الدعوي، د. عبد العزيز النغيمشي، ص(195)].

كلمة أخيرة:

ما أحلى أن يتربى الطفل على العزة والكرامة، وهذا أيها المربي الفاضل لن يأتي إلا من خلال أن تحرص على ألفاظك وكلماتك وأنت توجه طفلك، وكذلك الاعتناء والاهتمام بالطفل، ولذلك لن نودعك قبل أن نختم كلامنا بواجب عملي:

ـ تخير كلماتك جيدًا وأنت تتحدث إلى طفلك، فإن رأيت من طفلك فعلًا غير مرغوبًا ففكر بالطريقة المناسبة التي لا تحطم مشاعرك ابنك وفي نفس الوقت تؤتي ثمارها، كأن تقول له: لقد تصرفت اليوم تصرفًا لم أعهده منك، فلماذا فعلت كذا؟

ـ الاهتمام بالطفل يجب أن يبدأ من خلالك أنت أيها المربي، فاسأل عن حال ولدك باستمرار، اسأله عن حاله في المدرسة وكيف حال مذاكرته؟ كما يجب أن يكون لك ميعاد مع أبنائك لتعلمهم فيها الأخلاق الحسنة.
المصادر:

•          علم النفس الدعوي، د. عبد العزيز النغيمشي.

•          من أجل انطلاقة حضارية شاملة، عبد الكريم بكار.

•          تربية الأطفال في رحاب الإسلام، خولة درويش.

المصدر: موقع مفكرة الإسلام